e-Learning Ecologies MOOC’s Updates

مبادئ التعليم المتمايز

مبادئ التعليم المتمايز:

تتعدد تعريفات التعليم المتمايز Differentiated Instruction أو التعليم القائم على مبادئ الفروق الفردية ، وأرى أن أقربها إلى البساطة والواقعية ذلك التعريف الذي أتت به Carol Ann Tomlinson والذي ينص على أن التعليم المتمايز هو “استجابة المعلم لاحتياجات التعلم المتنوعة للطلاب داخل الصف ” وقد قامت بتعميق هذا التعريف في لقاء تليفزيوني لها حيث أضافت أن ” التعليم المتمايز يقوم على ضرورة مراعاة الطبيعة الخاصة لكل طالب على حدة مع مراعاة عناصر القوة التي يمتلكها والتي يمكن البناء عليها وكذلك احتياجاته التعليمية التي يمكن تلبيتها، وذلك بهدف تحقيق الحد الأقصى من النجاح في إنجاز عملية التعلم “. وفي رأيي أن التعليم المتمايز هو ذلك النمط التعليمي الذي يقوم على مراعاة اهتمامات وميولات وقدرات وأنماط تعلم الطلاب وكذلك الخلفيات النفسية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية الخاصة بهم. وبشكل عام يمكن القول أن التعليم المتمايز ليس مجموعة من طرق التدريس، إنما هو طريقة تفكير حول عمليتي التعليم والتعلم.

لماذا يجب تطبيق مبادئ التعليم المتمايز؟

ولعل السؤال الذي يتبادر دائما إلى ذهن المعلمين: لماذا يجب عليَّ تطبيق مبادئ التعليم المتمايز داخل الفصل المدرسي؟ وأرى أن هذا التساؤل يمكن الرد عليها بالنقاط التالية:

لزيادة التحصيل الأكاديمي.
لتحسين الإدارة الصفية.
لزيادة دافعية الطلاب نحو التعلم.
لتلبية احتياجات وإمكانات الطلاب.
لبناء الثقة بالنفس لدى الطلاب من خلال النجاح في إنجاز المهام التي يرونها – من وجهة نظرهم – صعبة.

وأضيف إلى العناصر السابقة عنصرا هاما يتعلق بالمحاسبية واتباع الميثاق الوظيفي لبعض الدول ومنها المملكة العربية السعودية ودولة قطر، حيث يكون تطبيق المعلم لمنهجية التعليم المتمايز داخل الصف متماشيا مع المعايير المهنية لهذه الدول، والتي قام المعلم بالتوقيع على وجوبية احترامها عند انضمامه لفريق العمل بها، وهو العنصر الذي لا يتنافى مع العناصر الخمسة الأولى.

كيف يمكن تطبيق مبادئ التعليم المتمايز؟

ورغم أن ما سبق يبدو وكأنه نص أكاديمي يحتاج إلى شروحات وتفسيرات، إلا إننا سنحاول في هذا المقال أن نسرد، وببساطة، خطوات تطبيق مبادئ التعليم المتمايز داخل الصف الدراسي.

أولا: مرحلة القياس:

قبل بدء عملية التعلم، نرى أنه من الضرورة قيام المعلم، بمعاونة الأخصائيين، بقياس ثلاثة مناحي للطلاب يقوم التعليم المتمايز عليها:

1- نمط تعلم الطلاب: من خلال إجراء اختبار أنماط تعلم للطلاب(learning styles) واختبار ذكاءات متعددة (Multiple intelligences)

 

(ويمكن الاستعانة بالعديد من نماذج هذه الاختبارات لدى المراكز التربوية المعتمدة ومواقع الإنترنت الأصيلة)

2- استعداد وجاهزية الطلاب:

يتم عمل اختبار قبلي (pre-test) قبل كل وحدة دراسية أو الاكتفاء بعمل اختبار قصير قبلي (pre-quiz) قبل كل درس جديد لاستكشاف ما يملكه الطلاب من معلومات خاصة بموضوع الوحدة أو الدرس، أو تصنيف الطلاب إلى مجموعات حسب مستواهم المعرفي، وذلك بغرض بناء خطط دروس واقعية لا تصيب كلا من فئتي الطلاب المتفوقين بالملل والطلاب المتعثرين بالإحباط. ويمكن تطبيق ذلك أيضا باستخدام بعض الاستراتيجيات الخاصة بالتهيئة مثل (K-W-L) أو (Before and After) أو (Index Card) أو ملاحظات المعلم ووسائل التقييم البنائي المختلفة.

3- اهتمامات وميول الطلاب Students Interests:

يمكن تطبيق اختبار قياس ميول واهتمامات الطلاب على مستويين:

قياس الميول والاهتمامات العامة مثل قياس الهوايات العامة والطرق المفضلة لقضاء أوقات الفراغ… إلخ

قياس اتجاهات الطالب وميوله نحو مادة التعلم (أي موضوع من موضوعات المنهج يفضل الطالب دراسته أكثر من باقي الموضوعات) وطرق التدريس (تلقين – مناقشة – فردي – ثنائي – جماعي – عملي – نظري – مشاريع – استقصاء …إلخ) وبيئة التعلم والأماكن المفضلة لديه لتلقي التعلم (الصف – الساحة – المختبر – مركز مصادر التعلم – معمل الحاسوب… إلخ).

ثانيا: مرحلة التطبيق:

يمكن تطبيق التعليم المتمايز من خلال ثلاثة محاور:

1- المحتوى أو المنهج:

والذي يمكن التعامل معه من خلال رؤيتين:

تسمح بعض الدول، مثل الولايات الأمريكية وألمانيا ودولة قطر (في مرحلة تعليمية سابقة) ومصر (في نظام STEM)، للمعلم بإمكانية اختيار المحتوى العلمي ومصادر التعلم التي تتوافق مع المعايير المركزية لمناهج هذه الدول، مما يسمح للمعلم باختيار المحتوى العلمي المتوافق مع مستوى طلابه وتوقعات التعلم، وكذلك إمكانية تقديم وتأخير تعلم بعض المعايير بما يتوافق ورؤية التعليم والتعلم لدى المعلم.

تحتوي بعض المناهج على محتوى علمي ثابت وموحد (مثل مناهج المملكة العربية السعودية) ويتم إدراج بعض الأنشطة الإرشادية للمعلم والخاصة بكيفية تطبيق مبادئ التعليم المتمايز في بداية كل وحدة دراسية.

2- طرق التدريس:

وهنا يأتي دور المعلم المتمرس الذي يقوم باختيار طرق تعلم متناسبة مع أنماط تعلم طلابه وميولهم واهتماماتهم ومدى ما يعرفونه من معلومات عن موضوع الدرس ولي في هذا عدة أمثلة تطبيقية:

إذا كان معظم الطلاب حركيين وتدور جل اهتماماتهم حول كرة القدم، فمن الممكن أن يقوم معلم الفيزياء بتدريس دروس الحركة والمتجهات في الساحة الرياضية عن طريق وضع علامات وأرقام على الأرض والسماح للطلاب بقياس المسافة والإزاحة والسرعة القياسية والسرعة المتجهة عمليا باستخدام خطوات الأرجل أو المساطر الخشبية وساعات الإيقاف.

إذا كان معظم الطلاب بصريين وتدور اهتماماتهم حول كرة القدم، فمن الممكن عرض أنشطة درس الحركة والمتجهات ومعلوماته على هيئة فيديوهات تحتوي على أهم وأجمل الأهداف وتحركات اللاعبين… وهكذا.

إذا كانت اهتمامات الطلاب تدور حول السيارات، فلماذا لا يقوم المعلم بتصميم أنشطة درسه حولها؟

إذا كان معظم الطلاب حركيين وتدور اهتماماتهم حول الرحلات والسفر وقضاء الإجازات في البر (المصطلح الخليجي للتنزه في الصحراء)، فلماذا لا يقوم المعلم بتصميم أنشطة دروس أنواع الصخور والموارد البيئية في الأماكن الصحراوية القريبة من المدرسة؟!

إذا كانت اهتمامات الطلاب تدور حول الحاسوب وتطبيقاته، فلماذا لا يقوم المعلم باستخدام استراتيجية web quest لإتاحة الفرصة للطلاب للبحث عن المعلومات الخاصة بالدرس عبر مواقع الإنترنت الموثوقة.

إذا كانت عينة الطلاب المتفوقين هي الغالبة على الصف، فلماذا لا يقوم المعلم بتطبيق استراتيجيات الاستقصاء العلمي (Scientific inquiry) بأنواعه، أو استراتيجية حل المشكلات (Problem Solving) مما يتيح الفرصة للطلاب للتوقع وفرض الفروض والتجريب وجمع البيانات والرسم البياني والاستنتاج وربط المنتج التعليمي بالمشاكل البيئية والعالمية، مما يزيد من زيادة متعة التعلم لدى هذه العينة من الطلاب وزيادة تحدي التعلم لديهم.

إذا كانت عينة الطلاب الأقل تحصيلا هي الغالبة على الصف، فلماذا لا يستخدم المعلم استراتيجية Scaffolding (التعلم بالدعائم التعليمية) حيث يتم تنمية مهارات الطلاب الأكاديمية والمختبرية والاجتماعية خطوة بخطوة مع تجزيء المهام وتدرجها، مما يسمح للطلاب بالوصول إلى نواتج تعلم جيدة دون إحباط.

إذا امتزجت العينتان (الأعلى تحصيلا والأقل تحصيلا) معا داخل الصف الدراسي، فيمكن استثمار ذلك في تطبيق استراتيجيات تعلم الأقران المتنوعة واستراتيجية Jigsaw بتطبيقاتها الثلاث (تطبيق د.إليوت إرنسون 1978)(مجموعة الخبراء متعددي المهام) – تطبيق سالفن 1994 (مجموعة الخبراء أحاديي المهمة ) – تطبيق أشرف عبد القادر 2014(مجموعة الخبراء –القضاة) لما فيها من تدرج للمهام وتعلم متبادل بين الطلاب، وتوظيف للإمكانات المتنوعة للطلاب.

يمكن أيضا اختيار استراتيجية التعلم المتناسبة مع المرحلة العمرية ضمن سبل تطبيق التعليم المتمايز، حيث يفضل التعلم القائم على اللعب (Play based learning) للفئة العمرية الصغيرة مع الاهتمام بالمهارات الأساسية.

يمكن استخدام استراتيجية دراسة الحالة مع الطلاب الذي يمتلكون قدرا عاليا من الاهتمام بالقضايا العالمية والمحلية حيث يتم الربط بين مواضيع الدرس وقضايا الوقت الراهن.

وإنهاء لهذه النقطة أستطيع القول أن المعلم/المدرب يستطيع اختيار استراتيجية التعلم المتناسبة مع الإمكانات البشرية والمادية لمجتمع التعلم بما يحقق المخرج التعليمي التعلمي المتوقع، على أن يراعي المعلم ضرورة الاطلاع المستمر على المستجدات المختلفة وكذلك أن يكون دائم التحاور مع طلابه لمعرفة اهتماماتهم، ودائم القياس لوجهة نظر المجتمع التعليمي ( الطالب – ولي الأمر – المشرف – المدير … إلخ) حول طرق تدريسه والمصادر التعليمية التي يستعين بها. وأطرح هنا بعض الاستراتيجيات التي قمت بتجريبها مع قسم العلوم بمدارس جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وأتت بثمار طيبة مع الطلاب في إطار الرغبة في تطبيق التعليم المتمايز:

المجموعات المرنة
المهام المتدرجة
جيكسو
أنشطة المرساة
بطاقات المهام
النقاش المفتوح
الاستقصاء عبر دراسة الحالة
أخذ الملاحظات
معرض الممشى
المراكز المتدرجة
مراكز التعلم
النمذجة
لوحة الاختيارات
مستويات الأسئلة المتعددة (قطار أوراق العمل)
لعب الأدوار
التعلم بالمشاريع

طريقة التقييم:

تتنوع طرق التقييم في إطار التعليم المتمايز باختلاف نمط تعلم الطالب واهتماماته، ومن الممكن أن تكون: مشاريع فنية – لعب أدوار (مسرحية أو مشهد تمثيلي) – بحث مكتبي أو عبر الإنترنت – وسائط متعددة – اختبارات كتابية – اختبارات شفهية … إلخ. وتسعى الآن بعض النظم التعليمية، ومنها مصر، إلى محاولة مراعاة ذلك من خلال تعديل نظم التقييم والتقويم وخاصة في مراحل التعلم الحاسمة مثل مرحلة الثانوية العامة، بحيث لا تتحول عملية التعلم إلى عملية كمية تهدف إلى التدرب على طرق التعامل مع أنواع أسئلة معينة لحصد أكبر قدر ممكن من الدرجات، بل تعود عملية التعلم إلى هدفها الأساسي وهو بناء شخصية الفرد بمكوناته المتعددة.

وختاما أستطيع القول إن رفاهية الاختيار ما بين تطبيق التعليم المتمايز وعدم تطبيقه لم تعد متاحة الآن في ضوء المتغيرات العالمية المتسارعة والمتطلبات المهنية والشخصية والمواطنية المتجددة، وكذلك متغيرات السلوك البشري بمراحله العمرية المختلفة والتي تتطلب مواكبة من المجتمع التعليمي بنفس القدر من التسارع والتجدد.

مراجع:

 

Tomlinson, 2010; 1999; Tomlinson & McTighe, 2006
https://www.youtube.com/watch?v=bApuBiitL8Q
Renzulli Center for Creativity, Gifted Education, and Talent Development–UNIVERSITY OF CONNECTICUT
Carol Tomlinson, Educational Leadership, November 2008 , Volume 88
وثيقة المعايير المهنية السعودية – الإصدار المعدل – رجب 1437 ، مايو2016
Bender_Ch1-differentiated instruction,2012
Changing teaching practices (using curriculum differentiation to respond to students’ diversity) , , 2004 , UNESCO
Creating Effective Teaching and Learning Environments – First Result s from TALIS, 2009 ; OECD

  • Mona Alzuwayn
  • Tariq Alhazmi